الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

وفديناه بذبح عظيم * أبيات شعر *


فاضت بالعبرة عيناه .......................أضناه الحلم وأشقاه
 شيخ تتمزق مهجته...........................تتندى بالدمع لحاه
 ينتزع الخطوة مهموما....................والكون يناشد مسراه
 وغلام جاء على كبر.......................يتعقب في السير أباه
  والحيرة تثقل كاهله ....................وتبعثر في الدرب خطاه
 ويهم الشيخ لغايته .............................ويشد الإبن بيمناه
 لكن الرؤيا لنبي .............................. صدق وقرار يرضاه
 بلغ في السعي نهايته .........................والشيخ يكابد بلواه
 والمشهد يبلغ ذروته .........................وأشد الأمر وأقساه
 إذ تمرق كلمات عدلى ........................ويقص الوالد رؤياه
وأمرت بذبحك ياولدي ....................فانظر في الأمر وعقباه
ويجيب العبد بلا فزع .............................افعل ماتؤمر أبتاه
 لن أعصي لإلهي أمرا......................من يعصي يوما مولاه
 واستل الوالد سكينا ...........................واستسلم أبن لرداه
 ألقاه برفق لجبينٍٍ.................................كي لا تتلقى عيناه
 أرأيتم قلبا أبويا......................................يتقبل أمرا يأباه
 أرأيتم إبنا يتلقى ..............................أمرا بالذبح و يرضاه
 وتهز الكون ضراعات.............................ودعاء يقبله الله
 تتوسل للملأ الأعلى............................أرض وسماء ومياه
 ويقول الحق ورحمته ......................سبقت في فضل عطاياه
 صدقت الرؤيا لا تحزن............................. يا إبراهيم فديناه
 يا إبراهيم يا إبراهيم ...............................يا إبراهيم فديناه


*****************************


الخميس، 11 نوفمبر 2010

أشعر بالندم



أشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك...سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر..رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات.. عالم  لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان من الجذور تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني.. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم.. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا.. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أمو سمعت في قلبي صراخا يناديك . كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان.. لبيك عبدي..و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسكو اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية و عاد اللا شيء إلى اللا شيء و عدت أنا إليك لا إله إلا أنت سبحانك و لا موجود سواك القرب منك يضيفو البعد عنك يسلب لأنك وحدك الإيجاب المطلق و كل ما سواك سلب مطلق علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ.. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة.. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري.. أما كفاك ما عانيت يا عبديأما اتعظت.. أما اعتبرت.. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تتقر خطاك على الطريق فأقول باكياسبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل شفيعي إليك صدقي و عذري إليك حبي للحق و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك رب لا أشكو و لكن أرجو . أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض .

*********************

د . مصطفـــى محمـــود
اناشيـــد الاثــــم والبـــراءة